يظن الاخوة البروتستانت أن الكاهن يغفر الخطايا بسلطانه الخاص ، وليس بسلطان من الله أعطى له..! كما لو كان قد اغتصب حقاً من حقوق الله تبارك اسمه ، أتجرأ أن يعمل عملاً إلهياً ، وهو بشر !! وسنورد هذا الاعتراض ، ونرد عليه بالأدلة اللاهوتية والكتابية ، لتوضيح ما يفعله الكاهن بالضبط ...
إعتراض
† يقولون إن الغفران هو لله وحده ، حسب قول الكتاب : "من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده" (مر 2: 7 ) . والله هو الذي قيل عنه في المزمور : "غفرت إثم شعبك. سترت جميع خطاياهم " (مز 85: 2). وهو الذي خاطبه السيد المسيح على الصليب قائلاً : "يا ابتاه اغفر لهم" (لو 23: 34). فكيف إذن تقولون إن الكاهن يغفر الخطايا !
† أولا – ليس لساننا نحن الذين نقول ، إنما هذا قول المسيح :
هو الذي قال: "من غفرتم خطاياه تغفر له" (يو 20: 23) . وهو الذي قال : "ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء" (مت 18: 18)
† ثانيا – هناك ثلاثة أنواع من الغفران ، لكل منهما معناه الخاص : وهى مغفرة الله ، ومغفرة الناس بعضهم لبعض ، ومغفرة الكاهن :
أ- مغفرة الله هى الأساس ، فهو ديان الأرض كلها (تك 18: 25). ونحن جميعاً سنقف أمامه في اليوم الأخير لنعطى حساباً عن أعمالنا ، وبدون مغفرته الالهية ، كل مغفرة أخرى لا تنقذنا من العقاب الأبدى .
ب- ومغفرة الناس بعضهم لبعض ، معناها مسامحتهم في الإساءات الموجهة منهم إليهم ، ومصلحتهم ، وتنازلهم عن حقوقهم الشخصية .
وهذا أمر يطلبه الله نفسه: "اذهب أولا اصطلح مع أخيك" (مت 5: 24) . وتوضحها الآيات الآتية :
" إن أخطأ إليك أخوك، فوبخه. وإن تاب فاغفر له. وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم ، ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلاً : أنا تائب ، فاغفر له " (لو 17: 3، 4). وايضاً سؤال بطرس للرب : "كم مرة يا رب يخطئ الي أخى وأنا أغفر له هل إلى سبع مرات" (مت 18 : 21، 22).
وأيضاً نقول في الصلاة الربانية: "اغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا" (مت 6: 12). وهنا يظهر النوعان الأولان من المغفرة : مغفرة الله ، ومغفرة الناس بعضهم لبعض .
وهذه هى الطلبة الوحيدة في الصلاة الربانية ، التي علق عليها الرب قائلا : "فإنه إن غفرتم للناس زلاتهم ، يغفرلكم أبوكم السماوى . وإن لم تغفروا للناس زلاتهم ، لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم" (مت 6: 14، 15).
وقد ورد في الإنجيل لمعلمنا القديس مرقس المعنى : "ومتى وقفتم تصلون ، فاغفروا إن كان لكم على أحد شئ ، لكى يغفر لكم أيضاً أبوكم الذي في السموات زلاتكم . وإن لم تغفروا أنتم ، لا تغفر أبوكم الذي في السموات أيضاً زلاتكم" (مر 11: 25، 26).
إذن مطلوب من الإنسان أن يغفر ، فكيف يغفر إن كان الذي يغفر هو الله وحده الإجابة : ان مغفرة الإنسان لأخيه بمعنى ، ومغفرة الله له بمعنى آخر .
ومغفرة الإنسان لأخيه ، ومعناها مجرد تنازله عن حقه من نحوه ، وليس معنى ذلك ضمان مستقبله الأبدى الذى هو في يد الله ، يغفر له إن كانت توبته صادقة ، ويمحو بالدم الكريم الخطية التى تاب عنها المسئ ، وتنازل عنها المساء اليه . ومغفرة الإنسان لأخيه هى شرط لنواله هو لنفسه المغفرة ، حسبما ورد في الإنجيل لمعلمنا لوقا : "اغفروا يغفر لكم.. لا تدينوا" (لو 6: 37).
وقال القديس بولس في هذا النوع من المغفرة : " محتملين بعضكم بعضاً ، ومسامحين بعضكم بعضاً ، إن كان لأحد على أحد شكوى ، كما غفر لكم المسيح ، هكذا أنتم أيضأ " (كو 3: 13) .
† أما مغفرة الكاهن ، فهى من نوع آخر . إنها تدخل في مغفرة الله ، لأن ما يحله على الأرض يكون محلولاً في السماء (مت 16: 19) .